كيف تغيّرت طريقة البحث في Google؟ وما الذي يعنيه ذلك لكتّاب المحتوى؟

المشهد الجديد: الناس بتكلم جوجل… لا تبحث فيه فقط

في السابق، كان البحث في Google يعني كتابة كلمات مفتاحية مختصرة مثل:
“فطور صحي”، “تمارين لتخفيف الوزن”، “أفضل وجهات سياحية”.

أما اليوم، فطريقة البحث تغيّرت جذريًا.

المستخدم أصبح يكتب وكأنه يتحدث مع شخص يعرفه ويطلب منه النصيحة مباشرة:
“أنا عندي 28 سنة، وبشتغل من 9 لـ 5… إيه أنسب فطور صحي يناسبني؟”

والأغرب؟
أن جوجل بدأ يفهم، ويردّ، ويختصر الإنترنت كله في إجابة واحدة.

هذه ليست صدفة.
بل نتيجة مباشرة لاعتماد Google على تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، وتحديدًا ما يُعرف اليوم بـ AI Overview.

الناس لم تعد “تبحث” بنفس الطريقة،
وبالتالي، المحتوى الذي نكتبه لا ينبغي أن يُكتب بنفس الطريقة القديمة.

2. ما هو AI Overview؟ ولماذا يُعد نقطة تحوّل؟

في منتصف عام 2024، أعلنت Google عن تطوير ميزة جديدة ضمن نتائج البحث تُعرف باسم AI Overview، وهي ببساطة عبارة عن “ملخص ذكي” يظهر في أعلى صفحة النتائج، يقدّمه الذكاء الاصطناعي كردّ مباشر على استفسار المستخدم.

لكن هذا الردّ لا يُنشأ بشكل عشوائي، بل يُبنى على تحليل عشرات أو مئات الصفحات ذات الصلة، ثم يُصاغ بأسلوب مبسط وواضح، يشبه كثيرًا الردّ الذي قد يقدمه لك شخص خبير على منصّة مثل ChatGPT.

الميزة هنا لا تكمن فقط في سرعة الإجابة،
بل في طريقة الفهم والتلخيص، إذ أصبح جوجل يتعامل مع الاستفسار كرسالة كاملة، لا مجرد كلمات مفتاحية.

✳️ على سبيل المثال:
بدلًا من أن تبحث عن “نظام غذائي صحي” وتجد عشرات النتائج،
يكفي أن تكتب:
“أنا لاعب كرة وأحتاج نظام غذائي يزيد من طاقتي بدون ما يرفع وزني كثير.”

وسيعطيك جوجل ملخصًا مباشرًا يتضمن عناصر غذائية، توصيات، ومصادر موثوقة، دون أن تضطر لزيارة 10 مواقع مختلفة.

هذه النقلة النوعية فتحت بابًا جديدًا في فهم نية الباحث،
وأعادت تعريف معنى “محتوى مفيد”.

3. المحتوى الذي يُفهم أسرع… يتصدّر أسرع

في عالم تقوده خوارزميات ذكية، لم يعد السؤال: “من كتب المحتوى؟”
بل أصبح: “هل هذا المحتوى يُفهم بسرعة؟ وهل يجيب على السؤال فعلًا؟”

وهنا تحديدًا يبدأ الفارق.

📌 المحتوى الذي يُكتب بأسلوب مباشر، منظم، ويركّز على تقديم إجابة واضحة،
هو المحتوى الذي يستطيع الذكاء الاصطناعي في Google قراءته وتلخيصه بسهولة، وبالتالي ترشيحه ضمن AI Overview.

ولذلك، فإن قواعد اللعبة تغيّرت.

المقالات الطويلة التي تدور حول الفكرة دون أن تصل إليها،
والفقرات المليئة بالحشو والعبارات الإنشائية،
لم تعد مناسبة لعصر تُفضِّل فيه Google أن تختصر الوقت على المستخدم، لا أن تضيّعه.

أما المحتوى الجيد اليوم، فهو الذي:

• يحدد المشكلة بوضوح

• يقدّم الإجابة بسرعة

• يُنظم المعلومات في نقاط أو عناوين فرعية

• ويتحدث بلغة مفهومة للناس… وللخوارزميات

✳️ الخلاصة؟
المحتوى الذي يُفهم أسرع… يُعرض أولًا.

اقرأ أيضًا:

• إزاي بكتب استراتيجية محتوى من الصفر؟ خطوات عملية من أول سؤال لآخر منشور
• ليه قررت أشتغل في كتابة المحتوى؟ حكاية بدأت بجملة ووصّلتني لعلامات تجارية
• أنا مش كاتب محتوى… أنا ببني أهداف بسطور مفهومة

4. كيف تكتب محتوى يظهر في AI Overview؟

ظهور المحتوى في نتائج AI Overview لا يعتمد على الحظ،
بل على مجموعة من المبادئ والأساليب التي تجعل محتواك قابلاً للفهم، التلخيص، والاختيار من قِبل خوارزميات الذكاء الاصطناعي.

إليك أهم الخطوات العملية:

✅ 1. ابدأ بالإجابة… لا بالمقدمة

توقّف عن كتابة فقرات تمهيدية طويلة.
ابدأ المقال مباشرة بإجابة مختصرة وواضحة على السؤال الرئيسي.
هذه الفقرة الأولى هي التي تُقرأ أولًا… وتُختار أولًا.

✅ 2. استخدم لغة الناس لا لغة المحرّرات

اكتب كما يتحدث جمهورك، لا كما يُكتب في الكتب.
تجنّب التعقيد والمصطلحات الزائدة، وركّز على التوصيل، لا التجميل.

مثال:
بدلًا من: “تُعد وجبة الإفطار من الركائز الأساسية لصحة الإنسان”
اكتب: “الإفطار هو أول خطوة صحية في يومك، لو اخترته صح.”

✅ 3. نظّم المحتوى داخل هيكل واضح

قسّم المقال إلى عناوين فرعية، واستخدم النقاط والجداول إن أمكن.
كلما كان المحتوى منسقًا وواضح البنية، كان أسهل في المعالجة من قبل الذكاء الاصطناعي.

✅ 4. فكّر في نية الباحث، لا فقط في الكلمات المفتاحية

الشخص الذي يكتب “أفضل تمارين للظهر” لا يبحث عن قائمة عشوائية،
بل عن تمارين مناسبة لحالته، وشرح مبسط، وربما صور توضيحية.
افهم خلفية السؤال… قبل أن تجيب عليه.

✅ 5. اكتب محتوى قابل للتلخيص

الذكاء الاصطناعي لا “يقرأ” فقط… بل “يلخّص”.
فكّر في الجمل التي يمكن اقتباسها بسهولة.
اكتب كل فكرة في فقرة منفصلة، وتجنّب الحشو.

💡 باختصار:
اكتب محتوى يساعد Google على مساعدتك.
كلما كان أوضح وأسهل وأقرب، كلما زادت فرص ظهوره في الـ AI Overview.

5. مستقبل كتابة المحتوى… ليس في كمية المقالات

في السابق، كانت المعادلة بسيطة:
اكتب أكثر = تظهر أكثر = تجذب جمهورًا أكبر.

لكن في ظل وجود الذكاء الاصطناعي في محركات البحث،
تغيّر منطق اللعبة بالكامل.

📌 لم تعد Google تعتمد على كثرة المقالات أو عدد الكلمات،
بل على جودة الإجابة وسرعة الفهم.

المحتوى الذي يُفهم بسرعة، ويقدّم فائدة واضحة،
يملك فرصة الظهور ضمن الـ AI Overview،
حتى لو كان نصًا واحدًا فقط، دون أي حملات ترويجية أو دعم خارجي.

بمعنى آخر:
✳️ الجودة تفوقت على الكثافة
✳️ والوضوح أصبح أهم من الأسلوب
✳️ والقدرة على الإقناع لا تقاس بعدد العناوين، بل بجملة واحدة تُفهم وتُقتبس

هذا التغير لا يهدد كاتب المحتوى، بل يطالبنا بالعودة إلى جوهره:
أن تكتب لتوصل المعنى، لا لتملأ الفراغ.

الخلاصة: تكتب لِمن؟ ومتى يختارك Google؟

في نهاية هذا التغير الكبير، يبقى السؤال الأهم لكل صانع محتوى:
لِمن تكتب؟

هل تكتب لترضي الخوارزميات؟
أم لتكسب ثقة القارئ؟
أم لتكون ضمن المحتوى الذي تفهمه Google… وتختاره؟

📌 الحقيقة أن الذكاء الاصطناعي لا يكتب بدلًا عنك فقط،
بل أصبح يختار بدلًا عنك، ويقرر أي محتوى يستحق أن يُعرض أولًا.

ولذلك، قبل أن تضغط على زر “نشر”، اسأل نفسك:

• هل هذا المحتوى يجيب على سؤال حقيقي؟

• هل يُفهم بسهولة ويصلح للتلخيص؟

• هل سيشعر من يقرؤه أنه وجد ما كان يبحث عنه فعلًا؟

إذا كانت الإجابة “نعم”، فأنت لا تكتب فقط مقالًا جيدًا،
بل تكتب محتوى صالحًا لعصر جديد.

✍️ عصر لا يكافئ من يكتب أكثر،
بل من يكتب بوضوح… ويُفهم أولًا.